اليمن تدخل دائرة الجوع من محافظة الحديدة الساحلية الغربية . فالآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ يتضوّرون جوعاً في عدد من مديريّاتها البالغ عددها (26)مديرية بإجمالي سكان يقدر بحوالي (2,621,000)نسمة .
تحتلّ المحافظة المرتبة الأولى في قائمة المحافظات اليمنية الأشدّ فقراً وفي الآونة الأخيرة ظهرت بوادر مجاعة في مديريات الساحل وخاصة مديريات الدريهمي و الخوخة والتحيتا .وفي عزلة المتينة بمديرية التحيتا والتي يبلغ عدد سكانها حوالي (28000 ) الف نسمة, يعيشون في قرى متناثرة على الساحل وتفتقد اغلب الأسر في هذه القرى أبسط مقومات الحياة المعيشية ، الأمر الذي ينذر بحصول كارثة إنسانية قد تمتدّ المحافظات مجاورة تعاني من انعدام الأمن الغذائي ، وفق ما أكدته تقارير الأمم المتّحدة وغيرها من المنظّمات الإنسانية العاملة في اليمن .
الدكتور عبد الرحمن جار الله مدير مكتب الصحة العامة بمحافظة الحديدة من جانبه دعا في نداء استغاثة وجهه للمنظمات الإغاثة الإقليمية والدولية إلى إنقاذ ألاف الأطفال والنساء خاصة في قرى مديرية التحيتا من الخطر الذي يهدد حياتهم .. وقال جار الله إن الضحايا بلغوا مستويات حرجة من سوء التغذية الحاد والوخيم، بالإضافة إلى انتشار أمراض جلدية وفطريات بين مختلف الفئات العمرية لسكان تلك القرى .
في السياق ذاته ذكر تقرير أصدرته الأمم المتحدة في يوليو الماضي إن معدل انتشار سوء التغذية الحاد في محافظة الحديدة هو الأعلى على مستوى البلاد، مسجلاً أعداداً غير مسبوقة من المصابين بهذه الكارثة .. فيما أكدت منظمة "اليونيسيف" في تقرير لها تدهور الوضع بشكل حاد، وقال التقرير إن معظم الأسر هناك فقدت مكتسبات وإمكانيات معيشية سابقة جراء توسع الأحداث الأمنية الأخيرة .
يبيّن تقرير دولي حديث صادر من الأمم المتحدة أن اليمن تحتضن (3) ملايين حالة تتطلب تدخلات تغذية طارئة، بينها 2.1 مليون طفل تحت سن الخامسة ونساء مرضعات وحوامل ضمن مستوى سوء التغذية الحاد الوخيم.. وأشار التقرير إلى معاناة 1.5 مليون طفل من سوء التغذية بينهم (370 ) ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم , ويمثل الرقم الأخير ارتفاعاً بنسبة 65 % من عدد المصابين بذلك المستوى منذ نهاية عام 2014 الذين بلغ عددهم وقتها 160 ألف طفل فقط.. وأضاف التقرير إن المنظمات الإغاثة تحتاج حاليا إلى تمويل بمبلغ (45) مليون دولار لمعالجة سوء التغذية الذي بلغت فيه إجمالي التمويلات المحصلة حتى الآن ما يقارب 40 % فقط من التمويل المطلوب.
يضم الساحل التهامي غربي اليمن عددا من المديريات الموزعة في محافظات صعدة وحجة والمحويت والحديدة وريمة وتعز وذمار ومعظم هذه المديريات ارتفعت فيها نسبة الفقر مؤخرا جراء الظروف الاقتصادية والسياسية التي تمر بها اليمن حاليا ، لذلك فأن معظم السكان في هذه المناطق يعيشون حالة سيئة جدا في شتى مناحي الحياة وبالدرجة الأساسية النقص الحاد في الغذاء اليومي الذي نتج عنه انتشار مرض سوء التغذية عند الأطفال والأمهات الحوامل وارتفاع نسبة المرضى وانتشار الأمراض والأوبئة مثل الملاريا وحمى الضنك والإسهال .
وقد أدى انطفاء الكهرباء المستمر مع ارتفاع درجة الحرارة خاصة في محافظة الحديدة إلى تفاقم المشكلة وانتشار العديد من الأمراض ناهيك عن ما تشهده المحافظة من تزايد أعداد الأسر النازحة إليها من المحافظات المجاورة التي تعاني من الأحداث الأمنية , حيث تستقبل الكثير من الأسر في المحافظة أسرا نازحة من محافظات أخرى سواء من الأقارب أو غيرهم ويقدر عدد النازحين الى هذه المحافظات بـ ( 11,400) أسرة تقريبا .. يسكن معظمها في المدارس الحكومية والبعض في العراء والبعض الآخر ـ خاصة النساء ـ في منازل المجتمع المضيف فيما يخيم الكثير من الرجال في ساحات المساجد و تحت الطرابيل .
الوضع الصحي :
تتمثل مشكلته في غياب وضعف الخدمات الصحية في المرافق الصحية والنقص الحاد في الأدوية وعدم توفر خدمة الكهرباء بالشكل المطلوب .. وبما أن خدمات الرعاية الصحية في المحافظة كانت وما تزال بعيدة عن المستوى المطلوب قبل الأزمة الأخيرة فإنها مع استمرار الأزمة الاقتصادية والسياسية تشهد تدنيا ملحوظا, وتحتاج معالجتها إلى جهود كبيرة وتعاون واسع بين الجانب الحكومي ومنظمات العمل الإنساني المحلية والإقليمية والدولية والمجتمعات المحلية , لتقديم خدمات طبية بناءً على نتائج دراسات وأبحاث تستقصي جوانب المشكلة وأسبابها وأبعادها المختلفة .
المياه :
تفاقمت مشكلة المياه في عدد من هذه المحافظات والمديريات بسبب الأزمة الاقتصادية والأحداث الأمنية , وما نتج عنها من ارتفاع في أسعار المشتقات النفطية , الأمر الذي أدى إلى توقف عدد كبير من مشاريع المياه خاصة في الأرياف حيث أصبح الكثير من السكان يعيشون معاناة يومية في سبيل الحصول على مياه الشرب الضرورية .
وعليه فإن جمعية الإصلاح الاجتماعي الخيرية تدعو شركائها المحليين والإقليميين والدوليين إلى دعم حملتها التي أطلقتها "معا لمواجهة المجاعة في تهامة " وذلك من خلال دعم التدخلات العاجلة للحملة للفترة من اكتوبر وحتى ديسمبر2016م والتي تتمثل في الأتي كمرحلة أولى:
1ـ تدخلات غذائية ـ توزيع الطرود الغذائية ـ بكمية مقدرة نحو (50,000) سلة من الغذاء .
2ـ تنفيذ حملات صحية لعلاج سوء التغذية بعدد (20) حملة .