طباعة

استكمال الوضع القانونى والشخصية الاعتبارية

الأحد, 08 أيار 2016 23:45

ولعل اهم انجاز الادارة بالامانة العامة، هو استكمال الشخصية القانونية الاعتبارية للمجلس ، بتوقيع اتفاقية المقر بين الحكومة المصرية والمجلس، بمقتضى قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 293 لسنة 1993 والصادر فى 3/5/1993 وبموافقة مجلس الشعب فى جلسته المنعقدة بتاريخ 8 يناير 1994 بالتصديق على قرار رئيس الجمهورية ، وتصديق رئيس الجمهورية على اتفاقية المقر بتاريخ 11/1/1994 ،التى تم نشرها بالجريدة الرسمية فى 24 قبراير 1994
التنسيق ، ضرورته وتطوره (الافادة من تنوع الخصائص / بين العمل الفردى والمؤسسى لاتساع مجالات العمل ) :
لم يكن التنسيق بين منظمات اسلامية عالمية ، موزعة فى عواصم البلاد الاسلامية،وفى مختلف القارات، امرا سهلا وميسورا- خاصة وانها منظمات عملت لسنوات طويلة بصورة فردية ، اكتسبت خلالها خبرة خاصة ، وخصائص متميزة ومختلفة عن غيرها ، اتسم فيها العمل بالفردية، والاجتهادات الذاتية،مع غياب الهدف المشترك- تعرض فيها العمل الاسلامى العالمى الى الازدواجية والتكرار ، وما يرافقهما من اهدار للجهد والمال ، وربما المنافسة الضارة-ومع هذا كله ظل التنسيق هدفا اساسيا ، ورغبة ملحة، يطرحها القائمون على العمل الاسلامى فى كل اجتماع او ندوة ، وكان على المجلس الاسلامى العالمى ان يشق طرقا مختلفة لتحقيق هذا الهدف ، مع المحافظة على خصائص كل منظمة ، لما فى هذا التنوع من فائدة فى مواقع العمل الاسلامى بالنسبة لكل موقع، وتحت اى ظرف ، وامام اى توجه سياسى او اجتماعى او اقتصادى او ثقافى ، كما أنه ذو فائدة كبيرة ، لما يحققه من مرونة عند توزيع الادوار وأتخاذ أساليب مختلفة لتحرك مدروس 0
وهكذا تجاوز العمل الخيرى الاسلامى مرحلة العمل الفردى، فلم يعد الامر صدقة مالية يدفعها المانحون ويتلقاها المحتاجون-بل اصبحت المنظمات الخيرية الاسلامية العالمية شريكا ايجابيا ملتزما بمشروعات التنمية البشرية الشاملة-والاسهام فى النهوض بالمجتمعات المسلمة- وتدعيم مرافقها العامة ،وتطوير مؤسساتها المدنية والخدمية ،تستوعب طاقات الشباب ،وترتفع بقواهم الروحية ، وكفاءتهم العلمية ،وقدراتهم البدنية الفنية والانتاجية، وذلك من خلال المنح الدراسية والمؤسسات التعليمية ومراكز التدريب،هذا فضلا عن تقديم المساعدات الاغاثية فى حالات الطوارىء والكوارث الى المتضررين والفقراء وذوى الحاجات الخاصة.
وامام ما تتعرض له المجتمعات البشرية المعاصرة من عدوان وقهر وظلم-فقد اصبح لزاما على المنظمات الاسلامية العالمية مواجهة ما يصيب المجتمعات المسلمة من اضرار واذى ،بكل ما يتاح لها من امكانات ،فهى فى مكانتها العالمية ،تمثل اهم تجليات ( المجتمع المدنى ) المسلم،واكثرها تنظيما،واقدرها على تقديم المساعدة وتخفيف المعاناة0
ان عليها متابعة الاوضاع المأساوية للشعب الفلسطينى الواقع تحت نيران الاحتلال الصهيونى،وما يتعرض له من اعتداءات تهبط الى مستوى الابادة الجماعية والتهجير القصرى ، وانتهاكات صريحة ومتكررة لحقوق الانسان ،كما ان عليها متابعة ما يحدث من امثال هذه الجرائم فى العراق وأفغانستان والشيشان وكشمير والبوسنة والهرسك وتركستان الشرقية وغيرها من بلاد المسلمين ،وما تتعرض له الاقليات المسلمة من مضايقات وتجاوزات وانتهاكات0
كما اصبح العمل الاسلامى العام مسئولا عن متابعة التحرك الدولى والعالمى،فى مجال العلاقات الدولية،والسياسات والايديولوجيات والافكار المستحدثة،وخاصة ما يتعلق بشئون المرأة والطفل والاسرة،وحوار الحضارات،والاعلام،وحقوق الانسان،ان عليه ان يعمل على تكثيف الحضور الاسلامى الايجابى والمؤثر فى المؤتمرات الدولية،والندوات العالمية المعنية بدراسة المشكلات الكونية ،وابداء الرأى فيما يفرض من قوانين،ويتحدد من مفاهيم ومسارات فى مختلف المجالات العالمية،تأسيسا لقواعد التعايش،وتوثيقا لاواصر التعاون والتفاهم،وتواصلا مع دور الحضارة الاسلامية فى اثراء الحضارات العالمية،وتحصينا للمجتمعات الاسلامية ضد المفاهيم الدخيلة،وصيانة للاسرة المسلمة،والشباب والمجتمع من كل ما لا يتفق مع الدين والعقيدة0
وقد استشعر قادة المنظمات الاسلامية العالمية ثقل المسئولية وتعاظم الاعباء،غير انهم وجدوا فى مساندة حكوماتهم ، ما يثبت اقدامهم ،وفى ثقة شعوبهم ، ما يشد ازرهم ويقوى عزمهم،وراوا فى جمع كلمتهم وتوحيد جهدهم اساسا لبلوغ الهدف وتحقيق الرسالة ،واحسوا بضرورة التعاون والتنسيق منعا للازدواجية والتكرار والاهدار،وتجنبا للافراط والتفريط .
ولقد استطاعت منظمات المجلس بفضل الله تعالى، وبالتنسيق والتعاون ،ان تصل الى افاق واسعة فى العمل الخيرى العالمى فى افريقيا واسيا،وان تمد جسور المساعدة والتعاون مع الشعوب الاسلامية،التى تحررت من ربقة الاستعمار السوفيتى ،فى اوروبا الشرقية واسيا الوسطى،تلك التى عانت عقودا عقيمة وطويلة من تسلط النظم الشيوعية الشمولية واستبدادها ،وطال تعطشها لدينها وعقيدتها ،واشتد حنينها للاتصال والتواصل مع امتها ،تدعيما لاستقلالها ،وتعزيزا لتقدمها ونهضتها0
ولقد تزايد الشعور بأهمية التنسيق والتعاون،مع اتساع ساحات العمل،وتعدد مجالاته،فقد تعاظمت الحاجة اليه امام اتساع مناطق التوتر والصراع فى العالم ،وتزايد عدد الضحايا من المشردين والنازحين والمهجرين ،وما تتطلبه اعادة التوطين والاعمار من جهود كبيرة،واموال باهظة،ومشروعات كبيرة،لا يمكن النهوض بها الا من خلال التنسيق الدقيق ، والتعاون الكامل،وترتيب الاولويات ،مع المحافظة على التوازن بين مطالب العمل المتزايدة،وبين الامكانات المالية والبشرية المحددة – اذ لم يعد هناك مجال لاهدار الطاقة والمال ،ولا مسوغ للازدواجية والتكرار،ولا مكان للانفراد والانعزال ،بل اصبح العمل من خلال الجماعة ،وفى اطار التنسيق والتعاون ،دليلا على الادراك بابعاد المسئولية ،ووعى بطبيعة المرحلة،وعلامة من علامات الاخلاص والتجرد.