المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة  | اتصل بنا

المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة

الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية تشارك في الجمعية العامة للمنتدى الإسلامي الأوروبي

الخميس, 22 نيسان/أبريل 2021 12:48

أكد المدير العام للهيئة الخيرية م. بدر سعود الصميط أن تعايش أتباع الثقافات والأديان والمذاهب رهين بمدى الاحترام الذي يكنه كل طرف للآخر، والاعتراف للآخر بحق الاختلاف، والعمل على دحض ما تروجه وسائل الإعلام من اتهامات زائفة وصور نمطية سلبية ضد الإسلام والمسلمين، ورفض التوظيف السياسي لظاهرة التخويف من الإسلام، وضرورة العمل على تصحيح صورة الإسلام في المناهج التعليمية.

جاء ذلك في كلمته التي ألقاها مؤخرًا ممثلًا لرئيس الهيئة الخيرية د. عبد الله المعتوق عبر تطبيق "زووم" أمام الجمعية العامة للمنتدى الإسلامي الأوروبي بحضور رئيس المنتدى عبد الواحد نيازوف ونخبة رفيعة من القادة المسلمين والشخصيات الدينية والسياسية البارزة.

وشدد الصميط على أهمية أن يظل الحوار قائمًا ومتفاعلًا بين الحضارات والثقافات مهما كانت التحديات من أجل مساعدة البشرية في بحثها الدائم والدائب عن الترقي في أوضاع المعيشة، وتحسين شروط حياة البشر، وفرصهم الممكنة، وإكسابهم الكرامة الإنسانية.
قيم الحوار والتلاقي
وأضاف أن دورة الجمعية العامة للمنتدى تُمثل إلى جانب غيرها من فعاليات المنتدى منصات مهمة للعمل لطرح القضايا التي تهم الأمة الاسلامية، والتأكيد على قيم الحوار والتلاقي سبيلًا للتعايش، وتأسيسًا للعلاقة الإيجابية المتبادلة بين مختلف أتباع الأديان والثقافات والحضارات.

وقال الصميط للمجتمعين: من حسن توفيق الله تعالى أن يتزامن الشهر الفضيل بمقاصده العظيمة، مع هذا الملتقى بغاياته النبيلة، وبذلك يتجلى شرف الزمان بقدسيته الجليلة، الذي نستلهم منه قيم الرحمة والتيسير والتسامح والتكافل، مع شرف اللقاء الذي نتطلع من خلاله إلى العمل على تعزيز قيم السلام والتفاهم المتبادل والتعايش السلمي.

وتابع قائلًا: إن العالم يواجه تحديات غير مسبوقة، جراء تداعِيات جائحة (كوفيدـ19) وتحوراته المختلفة التي شكلت للعالم امتحانًا حقيقيًا، لاختبار مدى قدرته على تجاوز دائرة الخلافات السياسية والنزاعات العنصرية وخطاب الكراهية، إلى دائرة العمل على إعلاء قيم التعايش والترابط والتلاحم في مواجهة هذا المصير المشترك، والاهتمام بالإنسان بغض النظر عن دينه ولغته وعرقه، وحماية حقه في الحياة، والعيش في بيئة سليمة وآمنة، وخلق بيئة مستقرة يتجلى فيها التعاون كركيزة أساسية في سبيل نصرة القيم الإنسانية، مصداقًا لقول الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾.
احترام حقوق الأقليات
وأشاد الصميط بما وصفه بالجهود الكبيرة التي اضطلع بها المنتدى الإسلامي الأوروبي طوال مسيرته في العمل على ترسيخ قيم التعايش المشترك، والتسامح، والعمل على احترام حقوق الأقليات، والتصدي لكل صور العنصرية والتحريض والاستعلاء، وصناعة جسر حضاري بين المؤسسات الإسلامية وبين الشعب الأوروبي بجميع نخبه ومكوناته، لاسيما في ظل الدور المتنامي للمسلمين في الحياة العامة والثقافية والاقتصادية في أوروبا، والدور الذي تلعبه وسائل الإعلام الغربي في تغذية روح الكراهية والعداء وإثارة المشاعر العنصرية.

 

وفيما أقر الصميط بأن المسلمين في الغرب أصبحوا رقمًا صعبًا لا يمكن تجاهله، كما أن الأقليات الدينية والعرقية في بلادنا العربية والإسلامية باتت جزءًا من مكونات أوطاننا، لا يمكن الاستهانة به، شدّد على أهمية مواجهة دعوات الكراهية والتمييز بالعمل بمد جسور الحوار بين أصحاب الأديان والمذاهب والتركيز على القيم المشتركة، وردم الهوة الناتجة عن الأحكام المسبقة، والتأكيد على مبدأ التعايش، وتوسيع مساحة التفاهم والتعارف، واستيعاب أهمية التنوع والاختلاف، مصداقا لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.

وواصل قائلًا: واجبنا أيضًا أن نتشارك مع أبناء الأقليات في رسم خارطة طريق تساعدهم على الاندماج في مجتمعاتهم، مع التأكيد على حقهم في المحافظة على خصوصياتهم الدينية والحضارية والثقافية والمذهبية، ودفعهم قدمًا نحو الشراكة في المجتمع المدني والاضطلاع بواجبهم إزاء المجتمعات التي يعيشون في كنفها.

وأردف الصميط: نحن في الهيئة الخيرية كواحدة من كبريات المؤسسات الإنسانية في العالم الإسلامي نتشارك مع المنتدى الإسلامي الأوروبي في التأكيد على حاجة المسلمين في الغرب إلى الانفتاح أكثر نحو مجتمعاتهم، والعمل على إبراز منهج الاعتدال والوسطية في وجه التطرف والغلو، ومواصلة الجهود لتقريب وجهات النظر وتصحيح الصور النمطية السلبية، والالتفاف حول القواسم المشتركة التي تضمن للجميع الحرية والأمن والسلام، وهذا ما نحرص عليه في برامجنا وخططنا الاستراتيجية.
صدام الحضارات

وتابع: لقد آن الأوان أن نُلغي من قواميسنا المقولة التاريخية السلبية "الشرق شرق، والغرب غرب، ولن يلتقيا أبدًا"، وغيرها من المقولات التي عبرت عن حتمية صدام الحضارات، لكونها نظريات تتعارض مع منطق الفطرة السوية، ومنطق الحياة وطبيعة تطورها، ومنطق التاريخ، ومنطق التفاعلات والعطاءات الحضارية التي أسهمت فيها جميع الحضارات والثقافات على اختلاف مشاربها.

وأشار إلى أن الأديان والمذاهب لم تكن يومًا مصدرًا للأزمات الإنسانية، موضحًا أنه إذا سبرنا أغوار تلك الأزمات ووقفنا على ماهية اندلاعها فسنجدها نتاجًا لصراع المصالح والتوظيف السياسي القائم على مبدأ الأنانية والإقصاء وتهميش الآخر.

وحول موقف الإسلام من دعوى التمييز، قال المدير العام: لقد بُعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم مبينًا للناس من جملة أهداف بعثته هدفًا عظيمًا، فقال صلى الله عليه وسلم: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، كما جاء صلى الله عليه وسلم لينقذ البشرية من شبح العنصرية المبنية على اختلاف الأديان والأوطان والألوان والألسنة، فأعلن هذا النبي الكريم للبشرية جمعاء قبل أكثر من 1400 سنة ميثاقًا عظيمًا مؤداه: "يا أيُّها الناسُ إنَّ ربَّكمْ واحِدٌ، ألا لا فضلَ لِعربِيٍّ على عجَمِيٍّ ولا لِعجَمِيٍّ على عربيٍّ ولا لأحمرَ على أسْودَ ولا لأسودَ على أحمرَ إلَّا بالتَّقوَى إنَّ أكرَمكمْ عند اللهِ أتْقاكُمْ".

وأكد أن الإسلام منهج إنساني عظيم لا مكان فيه لعصبية، وأن إنسانيته تفوق كل الاعتبارات الطائفية والمذهبية والقبلية والقومية والعرقية، لقول سيد الخلق صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس.. إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعاظمها بالآباء، كلكم لآدم وآدم من تراب"، وورد في موضع آخر: "ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية".